إيران وإفريقيا بعد الحرب الإسرائيلية: تحوّلات النفوذ وحدود التمدد في فضاءٍ متنازعٍ عليه

لم تَعُد القارة الإفريقية مجرّد ساحة خلفية في معادلات القوى الدولية، بل تحوّلت خلال العقدين الأخيرين إلى ميدانٍ مفتوح لإعادة تشكيل موازين النفوذ العالمية. فهي قد تحوّلت اليوم لدى الفاعلين الدوليين والإقليميين من واشنطن إلى بكين، ومن موسكو إلى طهران الى فضاء جيوسياسي خصب تتقاطع فيه المصالح الإستراتيجية والرهانات الأيديولوجية، وتتداخل فيه اعتبارات الأمن، والطاقة، والشرعية الدولية. في هذا السياق، شكّلت إفريقيا بالنسبة لإيران منذ الثورة عام 1979 بُعدًا إستراتيجيًّا مكمِّلًا لمشروعها الخارجي القائم على توسيع نطاق حضورها في الهامش الدولي كوسيلةٍ لكسر الطوق الغربي وخلق مجالات نفوذ بديلة. غير أنّ هذا التمدد ظلّ محكومًا بعوامل متناقضة؛ فمن جهةٍ، سعت طهران إلى استثمار الخطاب المناهض للاستعمار والمواقف الرافضة للهيمنة الغربية لتعزيز موقعها في الوعي الإفريقي، ومن جهةٍ أخرى، واجهت قيودًا سياسية وأمنية ودينية كبحت قدرتها على التحوّل إلى فاعل مؤثر بالمستوى الذي حققته قوى أخرى كالصين وتركيا.