منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، بدا وكأن التاريخ يعيد إنتاج نفسه ليقدّم لنا نموذجين متشابهين لدولتين ينخرهما الفساد وغياب الحوكمة الرشيدة. فبينما حلم المجتمع الدولي بولادة نموذج تنموي جديد في القارة، انتهت التجربة إلى مأساة مزدوجة لدولتين تتنازعان البقاء. فجنوب السودان، الذي كان يمتلك كل مقومات النجاح لبناء كيان قوّي لما يمتلكه من موارد نفطية ضخمة ودعم دولي غير مسبوق، أصبح اليوم أفقر دولة في العالم بنسبة فقر تتجاوز 90%. أما السودان البلد الغني بموارده الطبيعية، فيعيش حربًا داخلية مدمّرة تهدد وحدته الوطنية، بعدما انزلقت الدولة في صراع بين الجيش وقوّات الدعم السريع، أفضى إلى أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم في الوقت الراهن.