التقرير الموجز للطاولة المستديرة مع مؤسسة الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية( سيتا )

يشبِّه النظام الدولي الراهن، إلى حدٍّ كبير، النظام الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الثانية، والذي وصفه المفكّر الإيطالي، أنطونيو غرامشي، عام 1929، بصيغة بليغة قائلاً: “العالم القديم يَحتَضِر، والعالم الجديد يكافح ليُولَد؛ وهذه هي لحظة الوحوش.” واليوم، يبدو أن النظام العالمي القائم على القواعد، والذي أُسِّست دعائمه بعد الحرب العالمية الثانية، يواجه صعوبات في البقاء، بينما لم يتبلور بعدُ نظامٌ جديد وواضح المعالم.

يُرجَّح أن تُؤثِّر حالة الشك المتزايدة إزاء قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة بشكل كبير في تشكُّل النظام الجديد في منطقة الشرق الأوسط. وتشير المعطيات إلى أن دولاً مثل مصر والإمارات والسعودية وتركيا بدأت في البحث عن تحالفات بديلة في آسيا، مثل تكتّل “بريكس”، ومنظمة شنغهاي للتعاون، رغم أن هذه الأطر لا تزال في مراحلها التأسيسية. سوف تشكّل الساحة السورية اختباراً أساسياً لتركيا في الإقليم، إلا أن تعقيد المشهد السوري - بفعل تعدد الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة فيه، وطبيعة البلاد المتعددة الأعراق - لا ينبئ بخير لمستقبل المشروع السوري بعد رحيل نظام الأسد. وستكون التطورات في سوريا عاملاً مفصلياً في رسم ملامح النظام الإقليمي المقبل في الشرق الأوسط